مضار شرب الماء بكثرة أثناء الدورة الشهرية: هل من خطورة؟
تعد فترة الدورة الشهرية من الفترات التي تعاني خلالها العديد من النساء من تغيرات جسمية متعددة تؤثر على صحتهن العامة، ويُعتبر الحفاظ على توازن السوائل في الجسم أمرًا بالغ الأهمية خلال هذه الفترة. يعتبر شرب الماء بكمية كافية أمرًا أساسيًا للحفاظ على الصحة العامة، خاصة في ما يتعلق بتنظيم درجة حرارة الجسم، وتحفيز عمليات الهضم، والمساعدة في التخلص من السموم. لكن، هل من الصحي شرب كميات مفرطة من الماء خلال الدورة الشهرية؟ وهل يمكن أن يؤثر ذلك سلبًا على الجسم؟ في هذا المقال، سنتناول الآثار المحتملة لشرب الماء بكثرة أثناء الدورة الشهرية، مع تسليط الضوء على الفوائد والمخاطر، بالإضافة إلى تقديم بعض النصائح لضمان الحصول على الترطيب المناسب دون التسبب في أضرار.
أهمية شرب الماء أثناء الدورة الشهرية
يعتبر الماء أحد العناصر الأساسية التي يحتاجها الجسم لأداء وظائفه الحيوية بشكل سليم. في فترة الدورة الشهرية، يزداد حاجة الجسم إلى الترطيب بسبب التغيرات الهرمونية التي تحدث خلال هذه الفترة. من المهم أيضًا أن نعلم أن هناك علاقة وثيقة بين الترطيب الجيد وتنظيم الدورة الشهرية نفسها. فالترطيب الجيد يساعد على:
-
تقليل التورم والانتفاخ: يعاني العديد من النساء من الشعور بالتورم والانتفاخ خلال فترة الدورة الشهرية، وهو ما يعود جزئيًا إلى التغيرات الهرمونية واحتباس السوائل في الجسم. يساعد شرب الماء بشكل معتدل على التخلص من السوائل الزائدة عبر تحفيز الكلى على إخراجها.
-
تقليل آلام الدورة: بعض الدراسات تشير إلى أن الترطيب الجيد يمكن أن يساعد في تقليل آلام الدورة الشهرية الناتجة عن التقلصات. عندما يكون الجسم جافًا، يمكن أن تكون التقلصات أكثر حدة بسبب نقص السوائل في الأنسجة.
-
تحسين المزاج: في بعض الأحيان، قد تؤثر الهرمونات المتقلبة على المزاج، ويُعتقد أن شرب الماء بشكل كافٍ يساعد على تحفيز إنتاج بعض المواد الكيميائية في الدماغ التي تحسن المزاج وتقلل من التوتر والقلق.
مضار شرب الماء بكثرة أثناء الدورة الشهرية
رغم الفوائد التي قد يحققها شرب الماء أثناء الدورة الشهرية، إلا أن شرب كميات مفرطة من الماء قد يكون ضارًا لصحة المرأة في بعض الحالات. إليكم أهم المضار التي قد تنجم عن شرب الماء بكثرة خلال هذه الفترة:
1. التسمم بالماء (Water Intoxication)
تعد حالة التسمم بالماء واحدة من أخطر الآثار الجانبية التي قد تحدث نتيجة شرب كميات كبيرة جدًا من الماء في فترة قصيرة. عندما يشرب الشخص كميات كبيرة من الماء، يمكن أن يحدث انخفاض مفاجئ في تركيز الصوديوم في الدم، وهي حالة تُعرف باسم “نقص صوديوم الدم”. هذا الانخفاض يمكن أن يؤدي إلى تورم خلايا الجسم، بما في ذلك خلايا الدماغ، مما قد يتسبب في أعراض مثل الصداع الشديد، الدوخة، القيء، وحتى التشنجات أو الغيبوبة في الحالات الشديدة.
2. زيادة التورم والانتفاخ
على الرغم من أن شرب الماء المعتدل يساعد في تقليل التورم، فإن شرب كميات مفرطة قد يسبب الاحتباس المفرط للسوائل في الجسم، مما يؤدي إلى تفاقم الانتفاخ والتورم في البطن والأطراف. يتسبب هذا في شعور غير مريح، خاصة في الأيام الأولى من الدورة الشهرية عندما تكون الهرمونات في حالة تقلب شديدة.
3. اضطراب توازن الكهارل في الجسم
الهرمونات في جسم المرأة تكون في حالة تغيير مستمر خلال الدورة الشهرية، ومع شرب الماء بكثرة، يمكن أن يتسبب ذلك في اختلال توازن الشوارد (Electrolytes) مثل الصوديوم والبوتاسيوم في الدم. هذا التغيير قد يؤثر سلبًا على العديد من وظائف الجسم الحيوية، بما في ذلك وظائف القلب والعضلات.
4. زيادة الضغط على الكلى
شرب كميات كبيرة من الماء يمكن أن يضع ضغطًا إضافيًا على الكلى. على الرغم من أن الكلى تعمل على تصفية السوائل الزائدة، إلا أن تناول كميات ضخمة من الماء قد يتسبب في ضغط إضافي على هذه الأعضاء، مما يؤدي إلى زيادة إجهادها وربما يؤدي إلى مشاكل على المدى الطويل، مثل ضعف وظائف الكلى.
5. التأثير على النظام الهضمي
في بعض الحالات، قد يؤدي شرب الماء بكثرة إلى اضطراب الجهاز الهضمي. قد يعاني البعض من زيادة في الغازات أو الشعور بعدم الراحة في المعدة نتيجة لترطيب زائد. علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي شرب الماء بكثرة إلى تقليل فعالية الأحماض المعدية التي تعمل على هضم الطعام بشكل صحيح، مما يتسبب في شعور بالانتفاخ أو حتى عسر الهضم.
تأثير شرب الماء بكثرة على الهرمونات
خلال الدورة الشهرية، تتغير مستويات الهرمونات في جسم المرأة بشكل مستمر، مما يؤثر على العديد من العمليات البيولوجية في الجسم. على سبيل المثال، تزيد مستويات هرمون البروجسترون خلال النصف الثاني من الدورة الشهرية، مما يسبب احتباس السوائل. لكن في حال شرب كميات مفرطة من الماء، يمكن أن يختل هذا التوازن الهرموني، مما يؤدي إلى تفاقم بعض الأعراض مثل الانتفاخ والغثيان.
علاوة على ذلك، يعد هرمون الأوكسيتوسين الذي يفرز أثناء الدورة الشهرية جزءًا من استجابة الجسم الطبيعية للألم والتوتر، ويُعتقد أن شرب الماء بكثرة قد يزيد من مستويات هذا الهرمون بشكل غير طبيعي، مما قد يؤدي إلى الشعور بعدم الراحة أو التشنجات.
كيف يمكن تجنب هذه المخاطر؟
لتجنب الآثار السلبية لشرب الماء بشكل مفرط أثناء الدورة الشهرية، يجب أن تتحلى المرأة بالوعي الكافي بشأن احتياجات جسمها. يمكن اتباع بعض الإرشادات البسيطة لضمان ترطيب الجسم بشكل صحي:
-
شرب الماء بكميات معتدلة: من الأفضل أن تلتزم المرأة بشرب كمية مناسبة من الماء خلال اليوم بما يتماشى مع احتياجات جسمها، ويُفضل شرب الماء ببطء على مدار اليوم بدلاً من تناول كميات ضخمة دفعة واحدة.
-
مراقبة توازن الشوارد: يجب أن تركز النساء على تناول الأطعمة التي تحتوي على الشوارد الطبيعية مثل الصوديوم والبوتاسيوم، خاصة أثناء الدورة الشهرية، لتجنب أي اختلال في توازن الكهارل.
-
الاستماع لجسمك: يجب أن يكون لدى المرأة وعي كافٍ بإشارات جسمها. إذا شعرت بأي أعراض غير مريحة مثل الانتفاخ المفرط أو التورم، يجب أن تتوقف عن شرب الماء بكثرة.
-
استشارة الطبيب: في حال كانت المرأة تعاني من مشكلات صحية متعلقة بالكلى أو احتباس السوائل، يجب عليها استشارة الطبيب قبل اتخاذ أي قرار بشرب كميات كبيرة من الماء أثناء الدورة الشهرية.
الخلاصة
إن الحفاظ على الترطيب الجيد أثناء الدورة الشهرية أمر ضروري لصحة المرأة، لكن شرب كميات مفرطة من الماء قد يؤدي إلى مضار صحية عديدة، مثل التسمم بالماء، اختلال توازن الشوارد، وزيادة التورم والانتفاخ. من المهم أن تحافظ المرأة على توازن السوائل في الجسم عبر شرب الماء بشكل معتدل ومنتظم، والاهتمام بالتغذية المتوازنة التي تدعم الجسم أثناء هذه الفترة.
